هل المرأة ناقصة عقل ودين ؟
السؤال : دائماً نسمع الحديث الشريف (النساء ناقصات عقل ودين) ويأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة . نرجو توضيح معنى الحديث ؟
الجواب الحمد لله
معنى حديث رسول الله صل الله عليه وسلم : (مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ، قُلْنَ : وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ؟ قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا ، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ؟ قُلْنَ : بَلَى ، قَالَ : فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا)
بَيَّن صل الله عليه وسلم أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها ، وأن شهادتها تُجْبَر بشهادة امرأة أخرى ، وذلك لضبط الشهادة ، بسبب أنها قد تنسى ، فتزيد في الشهادة أو تنقصها ، كما قال سبحانه : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) البقرة/282 .
وأما نقصان دينها فلأنها في حالة الحيض والنفاس تدع الصلاة ، تدع الصوم ، ولا تقضي الصلاة ، فهذا من نقصان الدين ، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه ، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله عز وجل ، هو الذي شرعه عز وجل رفقاً بها ، وتيسيراً عليها ؛ لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك ، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس ، والقضاء بعد ذلك .
وأما الصلاة فإنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة ، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لها ترك الصلاة ، وهكذا في النفاس ، ثم شرع لها أنها لا تقضي ، لأن في القضاء مشقة كبيرة ، لأن الصلاة تتكرر في اليوم خمس مرات ، والحيض قد تكثر أيامه ، فتبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام أو أكثر ، والنفاس قد يبلغ أربعين يوماً ، فكان من رحمة الله لها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداء وقضاء ، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء ، ونقص دينها في كل شيء ، وإنما بَيَّن الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن نقص عقلها من جهة ما قد يحصل من عدم الضبط للشهادة ، ونقص دينها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس ، ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجل في كل شيء ، وأن الرجل أفضل منها في كل شيء .
نعم ، جنس الرجال أفضل من جنس النساء في الجملة ، لأسباب كثيرة ، كما قال الله سبحانه وتعالى :
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34
لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة ، فكم لله من امرأة فوق كثير من الرجال في عقلها ودينها وضبطها ، وإنما ورد عن النبي صل الله عليه وسلم أن جنس النساء دون جنس الرجال في العقل وفي الدين من هاتين الحيثيتين اللتين بينهما النبي صل الله عليه وسلم .
وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير من الرجال في عملها الصالح ، وفي تقواها لله عز وجل ، وفي منزلتها في الآخرة ، وقد تكون لها عناية في بعض الأمور فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من المسائل التي تعنى بها ، وتجتهد في حفظها وضبطها فتكون مرجعاً في التاريخ الإسلامي وفي أمور كثيرة ، وهذا واضح لمن تأمل أحوال النساء في عهد النبي صل الله عليه وسلم ، وبعد ذلك .
وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الاعتماد عليها في الرواية ، وهكذا في الشهادة إذا انجبرت بامرأة أخرى ، ولا يمنع أيضاً تقواها لله ، وكونها من خيرة عباد الله ، ومن خيرة إماء الله إذا استقامت في دينها ، وإن سقط عنها الصوم في الحيض والنفاس أداء لا قضاء ، وإن سقطت عنها الصلاة أداء وقضاء ، فإن هذا لا يلزم منه نقصها في كل شيء من جهة تقواها لله ، ومن جهة قيامها بأمره ، ومن جهة ضبطها لما تعتني به من الأمور ، فهو نقص خاص في العقل والدين ، كما بَيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي للمؤمن أن يرميها بالنقص في كل شيء ، وضعف الدين في كل شيء ، وإنما ضعف خاص بدينها ، وضعف في عقلها فيما يتعلق بضبط الشهادة ونحو ذلك ، فينبغي إنصافها ، وحمل كلام النبي صل الله عليه وسلم ، على خير المحامل وأحسنها . والله تعالى أعلم" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
ناقصات عقل ودين
بقلم : بسمة عبد الباسط
" ناقصات عقل و دين "
جملة يقولها كل الرجال تجاه مواقف معينة تقوم بها النساء ، جملة تقلب كل الأمور وتثور لها الأذان عند سماعها ، فعند سماع أية امرأة هذه الكلمة ، تشتعل غيظًا بسبب عدم فهم الرجال لها .
دخلت معه في حوار عقيم ، ولكي يثبت لها قلة عقلها ، قال لها هذه الجملة : " صحيح ناقصات عقل ودين " .. كادت أن تجن ، وأنهت معه المكالمة بعد سماع هذه الجملة ، ودار في عقلها المفهوم الغريب الذي يفهمه الرجال .
فنجد أن للرجال مفهومهم الخاص في تفسير الأشياء حسب أهوائهم ، مع أن معنى الجملة مفهوم وواضح للكل ، ولا يحتاج لتعريف . ولكن سأبدا بتعريفه كما وضحه الدين ، فمعنى ناقصات عقل أن المرأة كثيرًا ما تغلبها عاطفتها ، وتتغلب على عقلها ، لذلك جاءت من هنا كلمة ناقصات عقل ، وناقصات دين يرجع إلى أنها في أيام معينة من كل شهر تمتنع عن الصلاة والصوم ، بسبب شيء فطري وطبيعي في المرأة خلقها الله به ، ولذلك جاءت من هنا كلمة ناقصات دين .
ولكن ليس معنى ناقصات عقل أن بها شيء من الجنون ، أو أي شيء شبيه بهذه الكلمة ، وليس معناها أنها بدون وعي ولا إدراك ، وليس معنى ناقصات دين أنها كافرة أو غير متدينة . ولكن للأسف هذا المعنى يفهمه كل الرجال ، ويستخدمونه لاستفزاز أي امرأة في طريقهم وحياتهم ، وهم للأسف لا يعلمون ما تأثير فهمهم الخطأ للكلمة على النساء ، فهو كفيل بتدمير نفسية أية امرأة على وجه الأرض .
ويذكرني هذا المفهوم بفهم الرجال الخاطئ أيضًا لكلمة ( قوامون على النساء ) ، فكثير من الرجال يفسرون الكلام على أهوائهم ، وتبعًا لمصالحهم .
هل ينكر أي شخص أن المرأة بداخلها عقل تستطيع به أن تدير أسرة بأكلمها - بل عائلة كاملة ؟ وغالبًا ما نرى أن الرجل عند الكلام عن أية امرأة يستبعد أمه ، بمعنى أنه يرى أن أمه ليس لها مثيل ، ولكن باقي النساء مثل بعضهن سواء كانت زوجته أو أخته أو ابنته .
أعتقد أن هذا تناقض كبير ، وأكبر دليل على تخبط الرجال في فهم المرأة ، فنجد الرجل يصف والدته بأحسن الصفات ، ويرى أنها كل شيء ، ولكن عند أية امرأة أخرى تكون عكس ذلك ، مع أن أخته أو زوجته أو ابنته أو زميلته في العمل في يوم من الأيام سوف تصبح أمًا ، وسوف يراها أبناؤها كل شيء ، فالمرأة هي المرأة وتكون بها كل صفات الأم منذ طفولتها ، ولكن للأسف يحاول رجال كثيرون تشوية معانٍ جميلة موجودة داخل المرأة ، بسبب فهمهم الخاطئ ، وأيضًا تصريحهم بهذا المفهوم لأية سيدة .
تعالوا نقترب أكثر من النساء ، ونعرف شعورهن تجاه سماع هذه الكلمة :
تقول بدرية طه 24 سنة :" ببص له مستنكرة وبحس بجهله قوي " .
لبنى غانم 19 سنة : " بقول عليه مش فاهم ، ولو كانت النساء ناقصات عقل ودين ما كانتش السيدة عائشة تفسر القرآن ولا الناس تاخد برأيها " .
نورا سعيد 20 سنة : " أنا عرفت أصلاً إن الجملة دي معناها والسياق اللي اتقالت فيه غير ما الناس فاكراها ، بس الصراحة مش فاكرة إيه بالظبط ، بس لما بسمع حد بيقول كدة بضايق طبعًا ؛ لأن الناس بقت تستخدم الدين في حاجات غلط وفهم غلط " .
ثريا 26 سنة : " أولا أنا متفقة تمامًا إننا ناقصات عقل ودين ، بمعنى ظروفنا كسيدات تمنعنا من بعض الواجبات الدينية ، لكننا لا نقل عن الرجال في شيء ، وقد أشاد الرسول الكريم بالمرأة حين قال : " خذوا نصف حكمتي عن هذه الحميراء - قاصدًا السيدة عائشة " ولكن بصراحة أنا بسمع الكلمة دي من بعض المستخفين مبهتمش بيها ، لأن الإنسان الواثق بنفسه ميهموش إن الكلاب تعوي والقافلة تسير . الست لما تثبت نفسها في بيتها وفي شغلها وتتفوق محدش يقدر يقول عليها نص كلمة " .
أعتقد أن النتيجة واضحة ، وأعتقد أني لو سألت مليون سيدة عن شعورهن عند سماع هذه الكلمة ، لكانت إجاباتهن مثل الإجابات السابقة .
تبقى نقطة أخرى ، وهي عدم معرفة الناس هل كلمة ( ناقصات عقل ودين ) مقولة اخترعها الناس ، أم هي آية في القرآن أم حديث شريف ؟
الإجابة هي أنها حديث شريف . روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه في باب الإيمان عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال : " يا مَعْشرَ النساء تَصَدَّقْنَ وأكْثِرْن الاستغفار ، فإني رأيُتكُنَّ أكثر أهل النار .
فقالت امرأة منهن جَزْلة : وما لنا يا رسول الله أكثرُ أهل النار؟ قال : تُكْثِرْنَ اللَّعن ، وتَكْفُرْنَ العشير ، وما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودين أغلبَ لذي لبٍّ مِنْكُن .
قالت يا رسول الله وما نقصانُ العقل والدين؟ قال : أما نُقصانُ العقل فشهادة امرأتين تعْدِلُ شهادةَ رَجُل ، فهذا نقصان العقل ، وتَمكثُ الليالي ما تُصلي ، وتُفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين .
ومعنى الجَزْلة أي ذات العقل والرأي والوقار ، وتَكْفُرْنَ العشير أي تُنكرن حق الزوج .
وهذا الحديث لا يمكن فهمه بمعزل عن آية الدَّيْن التي تتضمن نصاب الشهادة ، وذلك في قوله تعالى : " واستَشْهدوا شهيدين من رِجالِكم ، فإن لم يكونا رَجُلَيْن فرَجُلٌ وامرأتان مِمَّن تَرضَوْن من الشُّهداء ، أنْ تَضِلَّ إحداهما فَتُذَكِّرَ إحداهما الأخرى البقرة 282 .
أعتقد أن الأمر أصبح واضحًا ، ولو رأينا في الحديث سوف نجد ( فقالت امرأة منهن جزلة ) ، ومعنى جزلة أي ذات العقل والرأي والوقار ، فالحديث أيضًا أوضح للناس أنه توجد نساء ذات عقل ورأي ووقار ، ولم ينكر على المرأة هذا الشيء ، فلماذا ننكره نحن ؟
في النهاية المفهوم الخطأ لهذه الكلمة تمتد آثاره للمدى البعيد ، بمعنى أنه عندما يوجد رجل يفهم معنى الكلمة بالطريقة الخطأ ، ويتصرف تصرفات بناءً على هذا المفهوم ، فإن الآثار تمتد لأبنائه سواء كانوا بنات أو أولاد ، فلن يقتصر التأثير السيء على المرأة فقط ، ولكنه سيمتد ويحفظ في ذاكرة الأطفال ، وتظهر نتائجه عند الكبر عندما يكبر الأطفال وخصوصًا الذكور ، فنجدهم يفعلون كل شيء محفوظ في عقولهم مما رأوه وهم صغار ، وللأسف كثيرًا ما تكون الآثار أقوى وأبشع مما رأوه وهم صغار .
فمتى نتخلص من الفهم الخاطئ لكلمات الدين وتفسيرها حسب آهوائنا ؟
ومتى نتخلص من استخدام المصطلحات والكلمات في استفزاز كل من حولنا ؟
ومتى نصل إلى فهم كل شيء على حقيقته ؟
أسئلة تحتاج لإجابات .. فهل من مجيب ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق